رسائل السيسي للإعلام… بوصلة لتعزيز الثقة في الاقتصاد المصري
بقلم : أيمن صالح
في السنوات الأخيرة، برزت رسائل الرئيس عبد الفتاح السيسي الموجهة إلى وسائل الإعلام كجزء أصيل من استراتيجية الدولة في التعامل مع التحديات الاقتصادية، وتعزيز وعي الرأي العام، وإشراك المواطنين في فهم مسار الإصلاحات. هذه الرسائل لم تكن مجرد تصريحات عابرة، بل مثلت خريطة طريق إعلامية ذات أهداف اقتصادية واضحة، تعكس إدراك القيادة السياسية لأهمية الإعلام في بناء الثقة الداخلية والخارجية بالاقتصاد المصري.
الإعلام… شريك في التنمية
منذ توليه الرئاسة، حرص السيسي على التأكيد أن الإعلام ليس مجرد ناقل للأخبار، بل هو شريك أساسي في عملية التنمية. هذه الرؤية تتضح في دعوته المتكررة للإعلاميين إلى تحري الدقة، وتوضيح الحقائق بالأرقام، ومكافحة الشائعات التي قد تؤثر على الأسواق أو ثقة المستثمرين.
ففي اقتصاد يتأثر بشدة بالمناخ النفسي، تصبح المعلومة الصحيحة أداة استقرار، بينما تتحول الأخبار المضللة إلى قنبلة اقتصادية. وهنا يأتي دور الإعلام، وفق منظور الرئيس، في أن يكون حائط الصد الأول أمام التضليل، ووسيلة لشرح القرارات والإصلاحات بلغة مبسطة للمواطن.
رسائل طمأنة للأسواق
خطابات الرئيس الأخيرة، خاصة في ظل التقلبات العالمية، حملت رسائل واضحة لطمأنة الأسواق والمستثمرين. فهو يكرر أن الدولة تتحرك بخطط مدروسة لحماية الفئات الأكثر احتياجًا، والحفاظ على استقرار سوق الصرف، وجذب الاستثمارات الأجنبية. هذه الرسائل حين تنقلها وسائل الإعلام بشكل متزن، تُسهم في تقليل حالة القلق التي قد تدفع المستثمرين لتجميد قراراتهم، أو المواطنين للتوجه نحو المضاربة على العملة أو الذهب.
الشفافية… أساس المصداقية
واحدة من النقاط المحورية في خطاب الرئيس للإعلام هي الدعوة إلى الشفافية. فالإقرار بالتحديات الاقتصادية لا يقل أهمية عن عرض الإنجازات، لأن تجاهل الصعوبات قد يفقد الخطاب الإعلامي مصداقيته. من هنا، يرى السيسي أن الإعلام القوي هو الذي يوازن بين عرض الأرقام الإيجابية، وتوضيح أسباب المشكلات، وكيفية التعامل معها. هذه المعادلة تخلق ثقة متبادلة بين الدولة والمجتمع، وتشجع على الصبر والمشاركة في تحمل أعباء الإصلاح.
تعزيز صورة مصر خارجيًا
لا يقتصر تأثير رسائل الرئيس على الداخل، بل يمتد إلى الخارج، حيث يتابع المستثمرون وصنّاع القرار الدوليون تصريحات القيادة السياسية لفهم اتجاهات الاقتصاد. وحين يظهر الرئيس بخطاب متماسك، ويؤكد على استقرار السياسات الاقتصادية، يرسل بذلك إشارة طمأنة للأسواق العالمية، ويعزز صورة مصر كمقصد استثماري واعد، رغم التحديات العالمية.
الإعلام هنا يلعب دور النافذة التي تنقل هذه الرسائل بلغات وأساليب مختلفة، لتصل إلى القنوات الاقتصادية الدولية، والمستثمرين، والشركات متعددة الجنسيات.
التحدي أمام الإعلام
لكن، حتى تحقق هذه الرسائل أهدافها، يحتاج الإعلام المصري إلى تطوير أدواته، وتدريب كوادره على تبسيط المعلومات الاقتصادية، واستخدام البيانات والتحليلات العميقة بدلاً من الاكتفاء بالشعارات. كما يجب أن يتبنى الإعلام نهجًا استباقيًا في الرد على الشائعات، بدلًا من الاكتفاء بالتوضيح بعد انتشارها.
إن نجاح الإعلام في هذا الدور لا ينعكس فقط على استقرار الاقتصاد، بل يعزز أيضًا ثقة المواطن في المؤسسات، ويحد من المساحة التي تتحرك فيها الحملات الموجهة ضد الدولة.
في النهاية، يمكن القول إن رسائل الرئيس السيسي للإعلام تمثل دعوة مفتوحة لبناء شراكة حقيقية بين الدولة ووسائل الإعلام في خدمة الاقتصاد الوطني. فهي رسائل تحمل مزيجًا من الطمأنة والشفافية، وتدعو إلى المهنية والمسؤولية. وإذا نجح الإعلام في تبني هذا النهج، فإنه سيصبح قوة دفع رئيسية لجهود الإصلاح الاقتصادي، ودرعًا واقيًا أمام محاولات زعزعة الثقة، سواء من الداخل أو الخارج.






